اخوانى ابناء نوبة مصر
هذه رساله أبعثها اليكم من شاب من أبناء سيناء, لن أدعي أنني من أبناء
الباديه ولكني من الحضر الذين يسكنون في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء وأكبر مدن سيناء
والتي تنعم بحياه أكرم آلاف المرات من حياة الباديه القفره , تعجبت كثيرا عندما كنت
أتحدث مع احدى الزميلات الفضليات والتي تنتمي لبلاد النوبه عندما أخبرتني ان هناك من
شعب مصر من يتهكم على أهل النوبه ويهزأ بهم كأن يسألهم لماذا لا تتحدثون مثل بكار او
هل تلبسون الرش في النوبه وما الى ذلك, وكان تعجبي لاننا اعتدنا ان أصدقاءنا من النوبه
دائما ما يكونون مثالا يضرب للطيبه والأخلاق الحميده, ولأني حقيقة لم أشهد مثل تلك
التراهات من أشخاص أقل ما يقال عنهم أنهم جهله ولن أستفيض في وصفهم , ولكن أعزائي كما
يقول المثل " اللي يشوف مصيبة الناس تهون عليه بلوته " فاذا كنتم تحنون لبلادكم
اللتي تنتمون لها فنحن بدأنا نكره بلادنا التي ننتسب لها , فهنا في سيناء لن نجد مجرد
التهميش والاستهزاء ولكننا نعاني طيلة الوقت من الاتهام بالخيانه للوطن , فكم تكلم
الكثير ممن يتظاهرون انهم يشعرون بأنهم مواطنون درجه ثانيه ولكني أقول لهم عفوا أنتم
لا تعلمون معنى مواطن درجة ثانيه , فذلك هو ما نشعر به نحن هنا من الاضطهاد وليس مجرد
التهميش , ففي حين كان أبي أحد أعضاء جماعة فدائيه في وقت الاحتلال وحاولت القوات الاسرائيليه
القبض عليه الا انه استطاع الهرب منهم والا كان أسيرا لدى الصهاينه حتى الان وفين حين
أن خالي أستشهد في حرب الاستنزاف عند تجنيده بالقوات المسلحه في العام 1971 أتهم أنا
حاليا في أي مكان أذهب اليه أنني عميل لليهود وليس لي حقوق المواطنون المصريون , وهذا
ما فعله بنا النظام البائد عمدا لكي لاتنموا بداخلنا المشاعر الوطنيه فلا ننتمي للوطن
فلا نهدد أمن حلافائهم في الحدود الشرقيه فاذا أصبحنا مصريين وطنيين وهو ما يهدد أصدقائهم
فوصلنا لدرجة أنني عندما ألتحقت بكلية الطب والتي يقال عنها أنها كلية القمه وأن روادها
هم صفوة مثقفي المجتمع وأكثر تفوقا أجد أحد زملائي عندما يعلم أني من العريش يسألني
هما " هيه فين العريش دي؟ " وعلى الرغم أنه من صعيد مصر وبلدته تبعد عن القاهره
حوالي 300 كلم والعريش تبعد عن القاهره 320 كلم ومع ذلك أصبحنا نكره لايعلم عنا أحد
لأننا لو علم طريقنا لهب شباب أمتنا لنصرة الأقصى فتم تهميشنا وابعادنا عن الأضواء
تماما , وكان ولازال السؤال الاشهر دائما أينما ذهبنا " هوه انتوا ساكنين في خيام
وكده يعني ؟ " ودائما يكون ردنا " أيوه انا ساكن في خيمة ايجار جديد وكل
يوم بأصحى الصبح أرعى الغنم والماعز وأحلبها وأفطر , هوه انت ماشفتش الناقه المرسيدس
المربوطه على باب الكليه ؟ " ولكم أن تتخيلوا أعزائي مدى المعاناه التي نواجهها
في أي مصلحه حكوميه فعندما اردنا اخراج بطاقة الرقم القومي كان علينا أن ننتظر أكثر
من شهر ونصف حتى يتم ارسال أسماءنا وأوراقنا للقاهره للكشف عما اذا كنا نحمل الجنسيه
المصريه ام لا, نعم لا تتعجب فمن يحمل بعض أسماء العائلات هنا وأراد استخراج بطاقه
أو جواز سفر يجب أن يحضر ما يثبت أنه مصري من أوراق خاصه تحضر من مكان ما بالقاهره
لا أعمله صراحة , وبالتالي كان من الطبيعي أن يسألني من يعلم أني من العريش "
يعني مصري ولا فلسطيني؟ ", كذلك عزيري النوبي مما نتعرض له من اضطهاد أنني عندما
أسافر بسيارتي التي تحمل أرقام ملاكي شمال سيناء فأنه يتم تفتيش السياره تفتيشا دقيقا
في حين تعبر باقي السيارات دون تفتيشها, كذلك اذا حدث تصادم بيني وبين سياره أخرى في
القاهره مثلا او أي محافظه أخرى فانه يتقرر فورا اني أنا المخطئ دون حتى السؤال عما
حدث , وفي كل عام نرى ذلك المشهد المحزن الذي يعصر قلوبنا حين ينهي أبناءنا الدراسه
الثانويه وعيونهم يملأها الأمل في أن يصبحوا ضباط بالشرطه أو الحربيه ليخدموا أوطانهم
فلا يستطيع أهلهم معارضتهم ويتركوهم ليصطدموا بالواقع حين يبلغونهم في كشف الهيئه أنهم
مرفوضون لأنهم من أبناء سيناء , ناهيك عن عدم وجود الخدمات والمرافق الهامه فنحن في
بلاد سياحيه الا أننا لا نجد المياه العذبه للشرب سوا مره واحده اسبوعيا لمدة ساعه
او اثنين مما يضطرنا لتخزين مياه الشرب ومن تفوته الفرصه " يشرب من البحر
" وحتى المياه الغير عذبه تاتي يوميا لمدة ساعه واحده قد تكفي لملأ خزانات المياه
وقد لا تكفي.
ان سيناء من الممكن ان تكون مصدر ثراء مصر ففيها من الثروات ما يكفي لان تصبح مصر من
أغنى دول العالم دون مبالغه , فعوضا عن البترول وقناة السويس التي تمر بأرضها , هناك
الشواطئ الممتده لمئات الكيلومترات فلا نجد أي استغلال لها على الرغم من أنها أضل مئات
المرات من شواطئ الساحل الشمالي وكذلك اقرب منها كثيرا , كذلك هناك جبال من المعادن
والجرانيت والأحجار الكريمه تحتاج فقط لمن يقطعها أجزاءا ويبيعها بالمليارات دون تعب,
كما نملك انقى جرانيت في العالم لا يحتاح لمعالجه وانما يقطع اجزاء ويستخدم مباشرة
, وكذلك نملك الرمال السوداء التي يتم صنع انقى الزجاج منها والتي يتم تديرها بأبخس
الاسعار ليتم اعادة استيراده زجاجا بأضعاف أضعاف ثمن تصديره, ولا ننسى أن نذكر ترعة
السلام التي لو صرف عليها ربع ما صرف على مشروع توشكى الفاشل لكفتنا بانتاجها عن استيراد
القمح ولصدرنا العديد من الفواكه للعالم .
سمعنا كثيرا عن مشاريع تنمية سيناء الا اننا لا نشعر بأي مشروع على أرض الواقع وكما
قلنا انهم لم يكونوا يريدون أن نتقدم فنصبح جهه جاذبه للعماله فيزيد أعداد المصريين
بسيناء فيهددوا أصدقاءهم في الشرق, ولوا مكاننا الحساس لقاموا بتهجيرنا رسميا كما فعلوها
معكم , ولكنهم يبذلون قصارى جهدهم ليكرهونا في بلادا ونهجرها و يمنعوا الوافدين من
الاستقرار بها .
اخواني قد لا تتسع السطور لاسرد لكم قصص معاناتنا هنا ولكن أرجو أن أكون قد أوصلت لكم
أننا جميعا من أبناء المحافظات خارج الوادي وعند الحدود نعاني من اضطهاد الحكومات لنا
ومحاولة محو هوياتنا ليتمكنوا من فرض سيطرتهم على بلادنا دون عناء لخدمة مصالحهم الشخصيه
ومصلحة حلفاءهم , أرجو لكم التوفيق في كفاحكم ومستقبل أفضل لموطننا مصر ,ومعكم قلبا
وقالبا.
د. حسام عبيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق