18 أبريل 2012

عن أخر ميت فى أدندان


هل يعرفون القصة كاملة؟؟ لا أعرف..لكن لا أعتقد.
فعندما حكتها لهم الجدة كانت عجوز, و كانوا صغار. ربما اختلط هزيان ذاكرتها المنقوصة بتفاصيل من اختراع عقولهم الصغيرة. لكنى سأقصها فى جميع الأحوال.
من أنا؟ جورباتى لمسته القصة...اه القصة...لنبدأ.
أواخر  شهر مارس, الشمس ساطعة محرقة كعادتها فى تلك الفترة من العام, فى هذا اليوم تحديدا, عنى لها لون ثوبها الأسود أكثر من مجرد سواد توارثته و جيلها من النساء عن أمهاتهن و جداتهن...فاليوم لاقى زوجها ربه.
بداية اليوم لم تكن بالمختلفة, فعندما خرج الزوج فى الصباح لم يكن متغيرا, أو كان لكنها لم تلحظ. لكن ما لحظته حقا انقباضة فى الصدر و غصة فى الحلق...هل كان ذلك لافتراب موعد رحيلهم عن القرية, أو لاحساسها بخبر رحيل زوجها الأسود؟ لا تدرى, و لم تفكر فى ذلك حينها.
وسط الدار اتاها خبرزوجها الخمسينى, طرق الباب كان عاديا أيضا, لا تتذكر بالتحديد ماذا فعلت بالصبية. لماذا مات الان تحديدا؟ قضاء الله و قدره بالطبع, لكن ألم يستطع الانتظار بضع أسابيع لتدفنه فى أرضها المجهولة الجديدة؟ هكذا قالت, فاتهمها الرجال بالكفر, و اتهمتها النساء بالهذيان.
لكنها تضيف, لم أفكر الا فى زيارته, اذا فارقتنى روحه, فيكفينى جسده. فلننتظر بضع أسابيع, و ندفنه فى الأرض الجديدة. اتهمها الجميع بالجنون.
دفنوه فى أرضه, وسط تراب اعتاد عليه. هل مات الان حتى لا يفارقه؟ لا تعرف. لكنها اخذت حفنة منه فى قنينة و ذهبت. تركته تحت الماء و رحلت.
ضاعت القنينة وسط ترحال الأبناء بعد سنوات عدة, لا قبل أن تموت. احتفظت بالقنينة, فلما ماتت ضاعت. و لم يبقى سوى قصة فى ذاكرة الأحفاد.
يقسمون أمامى بأن جدهم اخر ميت فى بلاد النوبة القديمة, و أن عظامه هى الأجدد تحت الماء. لا يصدقهمالبعض, و لا يهتم البعض الاخر. و أنا...لا أستطيع تبين الخط الفاصل بين القصة و الأسطورة.
لكن..هل يهم ذلك حقا؟
جورباتى لمسته القصة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق